بقلم: ريما بجك – مدربة قيادة وأعمال
في عالم الأعمال المتسارع اليوم، لا يتحقق النمو المستدام عبر الأهداف الطموحة أو ساعات العمل الطويلة، بل من خلال أشخاص يتمتعون بالتركيز والانسجام والرغبة المستمرة في التطور.
ومن خلال عملي كمدربة في القيادة والأعمال، رأيت كيف يمكن للمؤسسات أن تتغير جذريًا عندما تحوّل اهتمامها من إدارة النتائج إلى تنمية الأفراد الذين يصنعون تلك النتائج.
إحدى أبرز الأمثلة على هذا التحوّل هي شركة مايندفيلد، التي خصصت العام الماضي لاستثمارٍ استراتيجي في موظفيها عبر برنامج الإنتاجية الشخصية الفعالة (EPP) من LMI.
كانت رحلةً أعادت تشكيل مؤشرات الأداء وثقافة العمل على حدّ سواء.
من النشاط إلى الإنجاز
على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية، أكملت ثلاث دورات تدريبية ضمن برنامج الإنتاجية الشخصية الفعّالة (EPP)، شملت تدريب سبعة عشر موظفًا من مختلف الأقسام.
وكان الهدف واضحًا: بناء بيئة عمل منتجة وهادفة، لا يعمل فيها الأفراد بجهدٍ أكبر فحسب، بل بذكاءٍ أوضح ومسؤوليةٍ أعمق.
قاد البرنامج المشاركين إلى:
- وضع أهداف ذات معنى تتماشى مع رؤية الشركة.
- التركيز على المهام ذات القيمة العالية والتخلّص من مضيّعات الوقت.
- إدارة الأولويات والجهد المبذول بوعيٍ وتخطيط.
- التواصل الفعّال والتعاون السلس بين الزملاء.
وجاءت النتائج فورية وملموسة.
بدأ أعضاء الفريق يتحدثون بلغةٍ موحدة من الإنتاجية والغاية.
أصبحت الاجتماعات أكثر تركيزًا، والمواعيد النهائية أكثر التزامًا، والتعاون أكثر سلاسة.
لقد نقل البرنامج الشركة من مجرد انشغالٍ دائم إلى إنجازٍ فعلي، ومن الحركة المستمرة إلى التقدّم الهادف.
نموّ ينمّي الإنسان
ما جعل هذا التحوّل مميزًا لم يكن فقط في ارتفاع الكفاءة، بل في تغيّر طريقة التفكير.
أصبح الموظفون يقودون أنفسهم بثقةٍ واستباقية، وأضحوا أكثر ارتباطًا بالصورة الكبرى.
تحولت الثقافة المؤسسية من ردّ الفعل إلى الفعل الواعي،
ومن “إتمام المهام” إلى “تحقيق النتائج”.
هذا النوع من النمو مُعدٍ، ينتشر بين الفرق ويؤثر في طريقة التخطيط وتحديد الأولويات واتخاذ القرارات،
ليجعل الإنتاجية لغةً مشتركة وثقافةً حيّة داخل الشركة.
تقديرٌ للتميّز الجماعي
لم يمر هذا التحوّل الثقافي دون أن يُلاحظ.
ففي شهر نوفمبر، حازت مايندفيلد على جائزة LMI للتميّز القيادي المؤسسي،
وهي جائزة تُكرّم التزام الشركة الراسخ بالقيادة والنمو والتميّز.
لم تكن الجائزة مجرد إنجازٍ يُضاف إلى السجل،
بل انعكاسًا لما يحدث عندما تستثمر المؤسسة باستمرار في تنمية موظفيها،
حين يصبح التعلم عادةً يومية، والقيادة مسؤوليةً يتقاسمها الجميع.
لماذا الإنتاجية والتطوير هما مفتاح النمو المستدام
الدرس هنا بسيط وعميق في الوقت ذاته:
لا يمكن تحقيق نموٍ مستدام للأعمال دون الاستثمار في نمو الإنسان.
تنجح برامج الإنتاجية مثل برنامج LMI للإنتاجية الشخصية الفعالة لأنها تجمع بين الهيكل الواضح، والعقلية الإيجابية، والنتائج القابلة للقياس.
فهي تساعد الأفراد على تحقيق التوازن بين الرؤية والتنفيذ،
وبين ما يهمّهم على المستوى الشخصي وما يدفع نجاح المؤسسة بأكمله
والنتيجة؟
تناغم: الجميع يتحدث بلغةٍ واحدة من المساءلة والمسؤولية.
تمكين: القادة يوجّهون ويُدرّبون بدلاً من السيطرة والتحكم.
استدامة: الأفراد الواضحون والموجّهون يبنون مؤسساتٍ مرنة وقادرة على الصمود.
وحين تتكامل الإنتاجية مع التطوير، لا يتحسّن الأداء فحسب،
بل يتضاعف أثره بمرور الوقت.
رسالة إلى كل قائد
تُثبت رحلة مايندفيلد أن الاستثمار في الإنتاجية الشخصية والنمو الفردي لا يحقق الكفاءة فقط، بل يؤسس لثقافة التميّز.
فبعد ثلاث دفعات تدريبية، وسبعة عشر خريجًا، وجائزةٍ مرموقة، أصبحت مايندفيلد مثالًا حيًّا على قوة تنمية الإنسان في تحقيق النجاح المؤسسي.
والرسالة التي أوجّهها لكل مؤسسة أعمل معها هي:
إذا أردت لشركتك أن تنمو، فابدأ بمساعدة موظفيك على النمو.
استثمر في أعظم أصولك: الإنسان، وعندها ستدرك أن الوضوح في الرؤية، والمسؤولية في الأداء، والتركيز في التنفيذ، هي ما يصنع النجاح المستدام.
لأن النمو الحقيقي لا يحدث صدفة، بل يبدأ بقرارٍ واعٍ.
